مع استفحال الأزمة الاقتصادية في لبنان، منذ نحو 4 سنوات وحتّى اليوم، وسط تدهور للاقتصاد الوطني ومكوّناته، دخل القطاع الخاص كما القطاع العام في موجة تخبّط، فطالَ الوضع الاقتصادي المزري لقمة عيش العامل اللّبناني، إضافة إلى مداخيل المؤسسات والشركات التي لجأ العديد منها إلى الإقفال القسري، مخلّفةً المزيد من أشكال البطالة.
وإذ يسعى المعنيون لتدارك الأمر لا سيما تعديل الأجور ضمن الإمكانات المتاحة، إلّا أنَّ هذا الملف مؤجّل حالياً، في ظلّ الأوضاع الراهنة، علماً أنَّ مجلس الوزراء كان قد أقرّ منذ بضعة أشهر زيادة على رواتب موظفي القطاع العام أربعة أضعاف، بالإضافة إلى الراتبَين اللذين أُقرا في السابق، ما رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى 9 ملايين ليرة، وبدل النقل بقيمة 250 ألف ليرة يومياً. لكن هذه الزيادات لم تعد كافية اليوم، إذ إنَّ أجرة "التاكسي" تتراوح بين 300 و400 ألف ليرة لبنانية داخل المنطقة الواحدة. فما جديد الملف؟ وهل من إجراءات للتعويض على المواطن؟
في إطار تعليقه على المسألة، أشارَ رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر إلى أنَّه "قبل الحرب على غزة، والاعتداءات الحاصلة على الجنوب، كانت الاتصالات قائمة مع الهيئات الاقتصادية حول إعادة تقييم الأجور، ووضع الزيادات بما فيها زيادة بدل النقل، ليصبح 450 ألف ليرة لبنانية بدل 250 ألف، على أن تشمل الاجتماعات وزارة العمل في المراحل اللاحقة، إلّا أنه في ظلّ الوضع الراهن تجمّد التواصل، وذلك بسبب تراجع الحركة في كلّ المؤسسات الاقتصادية".
وتطرّق الأسمر في حديث لمنصّة "بلوبيرد لبنان" إلى "اتفاق كان من المفترض تنفيذه، يتعلّق بالتعويضات العائليّة، بحيث يغطّي الضمان 10 أضعاف هذه التعويضات، ليرتفع تعويض الزوجة من 60 ألف إلى 600 ألف ليرة لبنانية، وتعويض الأولاد من 33 ألف ليرة للولد الواحد إلى 330 ألف ليرة لبنانية لغاية 5 أولاد"، لافتاً إلى أنّه تواصلَ مع وزارة العمل لمراجعة هذا المرسوم والإسراع في إنجازه، ليكون موضع التنفيذ في أقرب وقت.
وأكّد الأسمر أنَّ التواصل دائم مع وزارة العمل، وهناك تفاهم على المبدأ العام، موضحاً أنَّ "كلّ الزيادات اليوم التي تطرأ على الحدّ الأدنى للأجور، ستشهد لاحقاً زيادة في الحدّ الأقصى للأجر الخاضع للاشتراكات، الذي يبلغ حالياً 18 مليون ليرة، وعليه سنشهد زيادة في مداخيل الضمان، ممّا يُسهم في توفير خدمات أفضل من الصندوق، علماً أننا باشرنا في زيادات تصل إلى 60% في سعينا لإعادة الضمان إلى سابق عهده".
وإذ تمنّى الأسمر أن تتمّ حلحلة هذا الملف في المدى القريب، إلّا أنّه أوضح أن "لا قدرة لأحد على القيام بأيّ خطوة إيجابية في الوقت الحالي، إلاّ من خلال عودة الهدوء في البلد، ليُحرّك العجلة الاقتصاديّة ويُعيدها إلى سابق عهدها، إذ إننا نشهد تراجعاً بين 50 و70% في القطاعات كافة، ووجهت نداء لمنع صرف العاملين في بعض القطاعات، نظراً إلى التدابير الأخيرة في بعض المدارس الخاصة والتي طالت رواتب المعلمين"، متمنياً أن لا نصل إلى مرحلة صدام مع الهيئات أو المعلمين وأن يعود البلد إلى سابق عهده، مع توقّف إطلاق النار في غزة لينعكس على لبنان إيجاباً.
وسط استمرار تدهوّر الأوضاع في لبنان، تحت وطأة التوتّر المتصاعد على الحدود، والذي ينذر بتوسّع رقعة الاشتباكات، ما سيؤدي إلى انعكاس سلبي إضافي على الوضع الاقتصادي والمعيشي على حد سواء، وحده المواطن من يتحمّل أي أعباء جديدة وتداعيات أزمات إضافية.